الإنجازات
إصدار رابع قرص مضغوط للموسيقى الأندلسية نوبة سيكة
إصدار ثالث قرص مضغوط للموسيقى الأندلسية نوبة ماية
المنشآت المرابطية في مدينة ندرومة - دراسة تاريخية أثرية لمؤلفة الدكتور محمد رابح فيسة رقم 9
الشيخ العلامة محمد بن يوسف السنوسي التلمساني لمؤلفه البروفسور حفناوي باعلي رقم 8
ندرومة مدينة الفن و التاريخ ( من سلسلة اصدارات الجمعية الموحدية رقم 7 )
ندرومة مدينة عبد المؤمن مجتمع،أنثروبولوجيا و ذاكرة الجزء 1 (محاضرات الملتقى السادس للجمعية الموحدية )
ندرومة مدينة عبد المؤمن مجتمع،أنثروبولوجيا و ذاكرة الجزء 2 ( محاضرات الملتقى السادس للجمعية الموحدية )
ندرومة مدينة عبد المؤمن مجتمع،أنثروبولوجيا و ذاكرة الجزء 3 ( محاضرات الملتقى السادس للجمعية الموحدية )
التراث العلمي و الثقافي لمدينة ندرومة و نواحيها ( محاضرات الملتقى الخامس للجمعية الموحدية )
عبد المؤمن بن علي الكومي الندرومي الجزائري ( محاضرات الملتقى الثالث للجمعية المحدية )
+ عرض الكلتاريخ ندرومة
موقع مدينة ندرومة
موقعها جغــرافي:
وهي تقع غرب
الجزائر وتقع على بعد حوالي ستة كيلومترات حيث يطير الغراب من البحر الأبيض المتوسـط.
حدودها الجغرافية:
يحد مدينة ندرومة إلى الشمال ميناء الغزوات وشاطئ
سيدنا يوشع بن نون على مسافة 18 كيلومترا. من الجنوب جبل فلوسن يرتفع إلى ارتفاع 1136م؛
من الجانب الشرقي مدينة تلمسان ، على بعد 60 كم.و على الجانب الغربي، مدينة وجدة المغربيةالتي
تبعد عنها بـ 60 كيلومترا.
وتقع المدينة
على ارتفاع 650 متر، ومساحة تتجاوز 140 كم مربع، ولها 35000 نسمة، ويقدر معدل نموها
الطبيعي بنسبة 30٪، وهي أكبر في ولاية.
تاريخ ندرومة
قيل أن تاريخ ندرومة يعود إلى عام 875 م حيث شيدت في عهد أبناء سليمان شقيق
إدريس الأول وكانت تسمى في ذلك الوقت بفلوسن نسبة إلى الجبل الذي تجاوره
ولكن مؤسسها الحقيقي مجهول، تسكنها قبائل أغلبها أصلها بربرية والحجة لذلك وجود
أمكنة في المدينة أعطيت لها أسماء بربرية منها: فلوسن ومعناه الجبل أي قمة
جبال طرارة، ارتفاعها 1136 مترا وأغبالوا وهي عبارة تدل على منبع الماء ووادي أغيلاس أي وادي النمرة ومزّاورو
ومعناه السهل الخ... وهذا ليس بغريب لأن العربية والبربرية هما اللغتان اللتان
يتكلم بهما سكان إفريقيا الشمالية.
مهما يكن من شيء نظن أن هذا المكان اختير لندرومة القديمة ليكون موقعا لها،
لسببين رئيسيين وهما وجود المياه التي تتفجر وتتدفق من الجبال الشامخة والدفاع عن
المدينة بسهولة ضد محاربيها وأعدائها وغزاتها.
فمنهم من يدعي أنها أخذت مكان سيقا (SIGA) عاصمة سيفاقس (SYPHAX) ملك نوميديا الغربية الذي توفي بروما (سنة 202 )
قبل الميلاد ومنهم من يقول أنها مذكورة في وثائق بطليموس كلوديوس (Ptolemée Claude ) العالم الفلكي والجغرافي الإغريقي الذي عاش في
القرن الثاني بعد الميلاد فوصفها هذا العالم " بأنها مدينة قديمة شيدت من طرف
الرومان ومازلنا نرى خارج أسوارها آثار بنايات ضخمة رومانية... فيها طاولات حجرية
كبيرة و أعمدة من المرمر وشواهد نقش عليها كتابات لاتينية (؟ ) " والبعض
الآخر يكذب هذا وذلك ليشير إلى قرية سميت بداموس(Damus) كانت متواجدة على الضفة اليسارية لنهر تافنة في
منطقة قبيلة بني مسهل بين تلمسان وندرومة، عثر فيها على أوسمة برنزية وكتابة
منقوشة وهو الأثر الروماني الوحيد الذي وجد في الناحية.
فارتبطت بهذه التسمية داموس، أسطورة دقيوس(Décius) الملك الروماني في القرن الثالث من الميلاد والشبان
السبع أو النائمون السبع الذين فروا من اضطهاد هذا الملك للمسيحيين فلجئوا إلى كهف
جبل بيون (Mont- Pion) أو كهف طارس (Tars) أو إيفاز (Ephese) في رواية أخرى كلها في تركيا ولم يستيقظوا من نومهم
إلا في عهد الأمير أطور (ثيودوز الثاني) (Théodose 2) في القرن الخامس بعد الميلاد وهذا كله طبعا مشكوك
فيه...
فإن لم يعرف اسم مؤسسها فهل يتسنى لنا أن نعرف لماذا سميّت بكلمة
ندرومة؟ أختلف فعلا في أصل الكلمة فقال
البعض أنها سميت أولا بمدينة البطحة أو البطحاء (؟) أي لغويا مسيل واسع فيه رمل
ودقاق الحصى وهذا خطأ لأن البطحاء كانت " بنواحي شلف شمالا شرقيا من غليزان
ثمّ خربت فأمر عبد المؤمن بن علي ببنائها... " ثمّ أخذت اسم ندرومة وهي قبيلة
كومية ورغم ذلك ادعى البعض الآخر أن حرف ضادها قلب نونا فأعطى لها اسم ( ضدّ رومة ) وقال آخرون أنها عنونت ب (نّدْرومة) أي
مثل رومة ونظيرتها وهذا ما صرح به خطأ في " وصف إفريقية " الوزان
(حسن) ليون الإفريقي (léon
l’africain)
(1550م) ولكن يظهر لنا أنه لا يوجد سند
تاريخي لهذا الاشتقاق، لا لتسمية الأولى ولا لتسمية الثانية لأن مدينة ندرومة كانت
بعيدة كل البعد عن روما وحضارتها، عكس ما قيل عن بوماريا (تلمسان) وأدفراطيس
(غزوات) ونوميروس سيروروم (مغنية ) وسيقة
بقرب وادي تافنا وغيرها من المدن المجاورة لندرومة.
وأما الشيء الذي لا جدال فيه فهو أنها ذكرت (سنة 278هـ - 892م ) باسم فلوسن
في كتاب البلدان لأحمد بن واضح اليعقوبي ( 897م) الجغرافي والمؤرخ العربي
المعروف الذي له تاريخ تناول فيه أحداث ما قبل الإسلام وما بعده، فقال اليعقوبي
عنها في كتاب البلدان المترجم من طرف قسطون فيليتا (Gastoy wiet المولود
1887) ما يلي: " فأبعد من مدينة العلويين أي صبْرة (ولاية تلمسان) توجد
نمالطة (Numâlata) أي لالا مغنية حيث كان محمد بن علي بن محمد بن
سليمان يتولى الحكم فيها وأما البلدة الأخيرة التابعة لإمارة بني محمد بن سليمان
بن عبد الله بن حسن فتسمى ب فلوسن وهي مدينة كبيرة يتألف سكانها من مجموعة من قبائل بربرية من
مطمطة وتارجة وجزولة وصنهاجة وانجفة وانجيزة " وأغلبية المؤرخين والباحثين
ومنهم ابن خلدون يعتقدون أن ندرومة وهي
اسم قبيلة كومية أخذت موضع المدينة القديمة: فلوسن.
فذكرها أيضا في القرن الحادي عشر وباسمها المعروف الآن أبو عبيد الله
البكري ( 1040-1094م ) في كتابه " المسالك والممالك " المؤلف (
سنة 1068م ). فقال عنها: "... ومدينة ندرومة هي في طرف جبل تاجرا وغربيها
وشماليها بساتين طيبة ومزارع وبينها وبين البحر عشر أميال وساحلها وادي ماسين وهو
نهر كثير الثمار وله مرسى مأمون وعليه حصان ورباط... ومدينة ندرومة مسورة جليلة
لها نهر وبساتين فيها من جميع الثمار..."
و أمّا أبو عبيد الله المعروف بالشريف الإدريسي (1100-1165) الذي طال في
بلاد الروم واليونان ومصر والمغرب وفرنسا وبريطانيا،فوصفها ( سنة 1164 ) في كتابـه: "
نزهة المشتاق في اختراق الآفاق "، كما يلي:
(...و هي مدينة كبيرة عامرة آهلة ذات سور وسوق وموضعها في سند ولها مزارع
كثيرة ولها وادي يجري في شرقيها وعليه بساتين وجنات عامرة وسقي كثير...)
فقيل أيضا أن كلمة ندرومة
مشتقة من العبارة الآتية " نظروا إلى الماء " أو " أنظروا
إلى الماء " بصيغة الأمر أي العبارة التي نطق بها الفرسان العرب عند رؤية
الماء تعجباّ من كثرته وغزارته كما قيل أنها آتية من تعريب كلمة بربرية ألا وهي:
" تندر ومات " أو من قلب هائها نونا لسوء النطق بالكلمة البربرية
(Hound) " هندرومة ".
هذه كلها تقديرات وتأويلات لا أساس لها من الصحة في غالب الأوجه وأما الشيء
الذي لا يقبل الشك فهو أن تسميتها بندرومة اسمها الحالي أعطيت لها بين
القرن التاسع والثاني عشر من الميلاد على حد قول المؤرخين العرب.
فلا ندري أخيرا هل عرفت المدينة عهدا قبل التاريخ لأن الدشرة التي كانت تحل
محلها في العصور الغابرة لم يبق فيها أثر مادي يذكر نظرا لغموض ماضيها على عكس ما
تدعيه الأوساط الشعبية الندرومية بحجّة أن في ضواحي ندرومة كهوفا كـ: " سطح
الكهف " ربّما نزل بها وعاش فيها قوم قبل التاريخ وتقدم الأسطورة الغريبة
الآتية فيحكى أن قوما مكثوا وناموا شهورا وربما سنين وقرونا داخل "سطح الكهف" هذا وعند استيقاظهم
من نومهم العميق وخروجهم من كهفهم فزعوا خوفا وهرعا، لأن المحيط تغير تماما والأرض
بقربهم كانت مليئة بقوم غريب عنهم فلجئوا مرّة ثانية إلى كهفهم وفضّلوا الموت فيه.
هذا من جهة وأما من جهة أخرى فاتضح أن مدينة ندرومة لم تعرف لا غزو
ولا احتلال الروم أثناء القرون الأربعة الأولى بعد الميلاد كما أشرنا إليه سابقا
ولا الوندال ابتداء(من سنة 429م) ولا البيزنطيين( سنة 533) لأنه لا يوجد لهم فيها
أثر ولا مخلفات تذكر وذلك رغم ادعاء مؤرخ بريطاني بأن طريقا كان يربط في ذلك العهد
مدينة لالة مغنية بندرومة. فمهما يكن من شيء فيبقى البحث مستمرا حول أسطورة سطح
الكهف الندرومية وحول احتلال الناحية من طرف الغزاة المذكورين أعلاه.
أمّا سكانها فأكثرهم من أصل
بربري يحبون الأرض أرضهم الطيبة ولا يعرفون التنقل ولعل هذه الظاهرة تسم عادة
السكان الجبليين الذين يتعلقون بأرضهم
أكثر من سكان المدن الساحلية أو الصحراء والسهول ويتكلمون لغة عربية نقية ولكنها
لغة تشوبها بعض الألفاظ والتقاليد والخاصة بهم والتي بقيت على لسانهم لتذكرهم
بأصلهم التاريخي وبالإضافة إلى هذه الألفاظ والتعابير فإن اللهجة مميزة بلكنة ندرومية قديمة مازالت ثابتة إلى
وقتنا هذا إلى مرور الزمن.
أسلمت في القرن الثامن، قبائل ندرومة البربرية واستوطن بها عدد كبير من
أفراد الجيش العربي المسلم واختلط بسكانها الشيء الذي ساعد على إدماج بعضهم ببعض
.... قال اليعقوبي في هذا الصدد..."ثم إلى المدينة العظمى المشهورة تلمسان
ينزلها منهم محمد بن القاسم بن محمد بن سليمان ثم مدينة العلويين كانت لولد محمد
بن سليمان ثم تركوها فسكنها رجل من أبناء ملوك زناتة يقال له علي بن محمد الزناتي
ثم منها إلى مدينة يقال لها نمالتة فيها محمد بن علي بن محمد بن سليمان وآخر مملكة
بني محمد مدينة فالوسن "(أي ندرومة)".
الفترة المرابطية القرنين الهجريين 5 و 6 :
مدينة
ندرومة خلال الفترة المرابطية كانت محاطة بأسوار للحماية
1-
الجامع الكبير المرابطي بندرومة:
· يعتبر الجامع الكبير لمدينة ندرومة من أقدم مساجد
الجزائر، شيده يوسف ابن تاشفين، الأمير المرابطي في عهد الدولة المرابطية حوالي
474 هـ/م 1081.
· بني مسجدنا هذا بإشراف قاضي الأمير يوسف بن تاشفين على
سبتة، أبو محمد عبد الله بن سعيد، يشبه إلى حد بعيد ومن حيث التخطيط العام مسجد
الجزائر العاصمة الكبير المرابطي.
· يقع هذا المسجد في الجهة الجنوبية من المدينة ويعتبر من
بين أهم المنشآت المرابطية في المدينة اعتمادا على جزء كبير منه بقي محافظا على
هيئته و استنادا إلى النقش الكتابي المحفور على المنبر الذي يوجد جزء منه بالمتحف
الوطني للآثار بالعاصمة بأنه يعتبر من بين الأعمال التي قام بها يوسف بن تاشفين ،
حيث جاء في النقش المكتوب مايلـي :
· « بسم
الله الرحمن الرحيم؛ وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين وسلم تسليما؛ لا إله
إلا الله ومحمد رسول الله: إن الدين عند الله الإسلام؛ ومن يبع غير الإسلام دينا؛
فلن يقبل منه؛ وهو في الآخرة من الخاسرين.هذا مما أنعم له به الأمير السيّد... بن
يوسف بن تاشفين أدام الله توفيقه وأجزاء... (و) كان الفراغ منه على يدي الفقيه أبي
محمد عبد الله بن سعيد يوم الخميس السابع عشر من شهر...و(والسطران الأخيران
ممحوان) ». (انظر الصورة).
واختلف كل من كتب حول المسجد في إسم الأمير أو
المؤسس الحقيقي للمسجد لأن عوامل الزمن و الأََرضة أتلفت أجزاء كبيرة من الكتابة التي وجدت عليه، و يؤكد
باسي أن المؤسس هو يوسف بن تاشفين في الفترة التي صار فيها سيد المغرب أي "
474هـ" بينما يؤكد جورج مارسي من ناحية أخرى أنه من المحتمل أن يكون أحد
أبناءه هو من أسس المسجد ولم يتول الحكم مثل العزيز الذي تنطبق عليه تمام الإنطباق
صفة ( الأمير السيد ) ، غير أننا نرجح القول الذي يرى أن يوسف بن تاشفين هو الذي بناه ، و هو الرأي الذي
أكده رشيد بورويبة، و ما يدلنا على ذلك اهتمام هذا الأمير ببناء المساجد، وكذلك
الأمر الذي وجهه للولاة بأن يتخذوا المساجد و يعظموا شأنها و إن ما يؤكد ذلك هو
التفاصيل التي تشابه فيها هذا المسجد و باقي المساجد المرابطية ذات الصحن المكشوف
، كما أشار إلى ذلك الأستاذ عبد الرحمن الجيلالي أنه إذا ما قارنا هذا المسجد
بالمسجد الجامع بالجزائر العاصمة، فإنه صورة طبق الأصل ما عدى الاختلاف الذي
نشاهده في المساحة فقط.
· الوصف العام للجامع :
لقد حافظ الجامع بمدينة ندرومة على معظم أقسامه
المعمارية، من الصحن و الجدران و المداخل و المحراب و غيرها، حيث بنيت جدرانه
بالطابية و يشغل الجامع شكلا مستطيلا يمتد من الشرق إلى الغرب .
* كما أن مسجد القيروان يعتبر المرجع في تخطيط المساجد
المغربية، فقد كان يحيط بصحنه أربعة أروقـة أكبرها رواق القبلة و ذلك لما أعيد
بناؤه عام 221هـ/736م، و قد كانت بلاطاته تتجه عمودية على جدار القبلة ، و إن
المتفحص لمعظم مخططات المساجد المغربية و الأندلسية لا يجدها في جملتها تنفك على
هذا التخطيط ذي الصحن و الظلات، حيث جرت العادة بأن يمتد بيت الصلاة حتى يشغل معظم
مساحة المسجد ، و هو ما نراه في مسجد ندرومة، الذي يمتد فيه بيت الصلاة إلى مؤخرة
المسجد، و قد اتبع هذا المخطط أيضا في المساجد السابقة الذكر، و بذلك فإن عمق بيت
الصلاة يمثل سمة مشتركة بين هذه المساجد الجامعة غير أن الزيادات التي حصلت في
مسجد قرطبة جعلته يفضل هذه المساجد مساحة، إذ يعتبر بيت الصلاة فيه أضخم بيت صلاة
بني في الإسـلام، و أما عن صحن مسجد ندرومة فهو على نمط المساجد المغربية، فهو
مكشوف و أقل حجما من بيت الصلاة و نلاحظ ذلك أيضا في مسجد القيروان و الذي احتوى
على صحن مكشوف يقارب حجم بيت الصلاة فيه.
· و قد جمعت كثير من الميزات مسجد ندرومة بأسلافه
من المساجد المغربية و سيتضح ذلك من خلال الأمثلة أثناء دراسة العناصر المعمارية
بالتفصيل .
· و أما عن حالة المسجد فإنه قد أجريت عليه مؤخرا بعض الترميمات، و ذلك في ما
يتعلق بكسوة جدرانه بسبب ما لحقها من جراء الرطوبة و الأمطار، و عموما فإن المسجد
الجامع لندرومة من الداخل قد احتوى على صحن مكشوف تحيط به أربعة أروقة أوسعها رواق
القبلة الذي يمثل بيت الصلاة و يتقدمه حائط القبلة الذي يتوسطه المحراب، و يلي
الصحن من الخلف جدار مؤخرة المسجد، و يعتبر المسجد من حيث شكله و مساحته مشابها
للمسجد الجامع بالجزائر العاصمة، و بمسجد تلمسان ، و الجدير بالذكر ها هنا هو أن
مسجد ندرومة أقل حجما من هذين المسجدين و السبب في ذلك هو الفرق بين أهمية هذه
المدن، فلقد كانت كل من تلمسان و الجزائر عاصمة إقليمية للمرابطين ، و بالتالي فإن
حجمهما أكبر من حجم مدينة ندرومة .
· بيت الصلاة :
يقوم بيت الصلاة عادة على عمـد تحمل فوقها عقـودا أو
أقواسا يكون فوقها السقف و هذه الأعمدة تقسم بيت الصلاة إلى أروقة رأسية و أخرى
موازية لجدار القبلة.
و أما بيت الصلاة في مسجد ندرومة فإنه ذو شكل مستطيل
عرضه
· المحــراب :
بالنسبة لمسجد ندرومة فإنه لم يخرج عن عمارة المساجد
السابقة له، بل إن المرابطين اقتبسوا هذا النموذج من المحاريب فجاء محراب المسجد
الجامع مجوفا غائرا في جدار القبلة، و كان يحتل تقريبا وسط هذه الجهة من المسجد، و
هو أيضا يشبه إلى حد كبير محرابي جامع تلمسان و جامع الجزائر، و لا نجد أثرا لتعدد
المحاريب في مسجد ندرومة و في معظم المساجد
المغربية والأندلسية، و هي الظاهرة
التي انتشرت في بلاد المشرق في بعض المساجد و التي اعتبرها بعض علماء الآثار ظاهرة
زخرفية ليس إلا .
كما أن انتشار المحاريب المسطحة في بلاد المغرب لم يكن
بالصفة التي انتشرت بها المحاريب المجوفة، فقد وجد هذا النوع من المحاريب خاصة في
مصر و بقيت نماذج عديدة منها تعود للفترة الفاطمية .
و مما نلاحظه أيضا في مسجد ندرومة عنصر العنزة و هي ( أي العنزة) الحربة أو اللواء الذي يركزه
شيخ القبيلة في الصحراء قبل القيام إلى الصلاة ليحدد موضع المحراب من الفضاء و
مقام الإمام من المصلين، وقد عرف هذا منذ عهد النبي صلى الله عليه و سلم ، و من هنا تظهر العلاقة القوية بين العنزة و
المحراب فهي تقابله على محوره عبر البلاطة العمودية عليه و تقام في الصحن عند
نهاية بلاطة المحراب، و تشير إلى اتجاه حائط القبلة و المحراب معا و هي بهذا
بمثابة محراب ثاني أو محراب رمزي يهتدي به المصلون لاتجاه القبلة في صلاتهم فرادي
و جماعات خاصة الغرباء منهم، و نظرا لاكتظاظ المساجد في تلك الأيام فقد دعت الحاجة
إلى اتخاذ موضع يقابل المحراب يقف فيه إمام ثان أو مؤذن يردد ابتهالات خطيب المسجد
و تكبيره حتى يستطيع من يصلي في الصحن و الأروقة الأخرى متابعة الإمام دون مشقة، و
قد ظهر هذا العنصر ليؤدي نفس الوظيفة التي تؤديها دكة المبلغ التي استعملت في
المساجد المشرقية و نجد أمثلة عن عنصر العنزة في المسجد الجامع بالقيروان حيث ظهرت
فيه ستة 261هـ و وجدت في مسجد الزيتونة منذ عام 381هـ و ظهرت أيضا في المسجد
الجامع بالقاهرة و هو ما نجده أيضا في المساجد المغربية، فنجدها مثلا في المساجد
المرابطية كالمسجد الجامع بتلمسان و المسجد الجامع بالجزائر و مسجدنا موضوع
الدراسة، و انتشرت بعد هذه الفترة في
المساجد المرينية كمسجد سيدي الحلوي و مسجد سيدي أبي مدين بتلمسان .
· الصحن :
يعتبر الصحن من بين أبرز العناصر في المساجد و ذلك
بالنظر إلى أهميته، و قد تطور الصحن تبعا للنظام التخطيط للمسجد و كذا للمناطق
التي يوجد بها، أي أن المناخ كان له دور في تحديد شكل الصحون، و قد كانت الصحون
تغرس فيها الأشجار لتلطيف الجو، كما فرش الصحن في أول الأمر بالحصى ثم بلط بعد
ذلك، كما كان ذلك في مسجد القيروان .
إن صحن المسجد الجامع بندرومة أقل اتساعا إذا ما قورن
بصحن مسجد تلمسان، ذلك لأن اهتمام المعماري بتوسيع بيت الصلاة ربما هو السبب
المباشر في عدم توسعته كما هو الحال في مسجد عقبة بالقيروان، كما أن عامل المناخ
كان له الأثر الكبير في بناء المساجد في العالم الإسلامي، إلا أن الإختلاف بين
مسجد ندرومة و مسجد عقبة بالقيروان يكمن في كون أن هذا الأخير جاء خاليا من
المجنبات، بينما نجدها في مسجد ندرومة قد أحاطت بالصحن، و شكل صحن المسجد مستطيل و مقاساته
(9م/6.80م ) و تتوسطه فوارة يرجح أنها حديثة العهد نظرا لأنه لم ترد إشارة إليها
تم الحديث فيها عن هذه الفوارة، ويتميز الصحن بصغر مساحته إذا ما قورن ببيت
الصلاة، وأيضا بمساحة المسجد الإجمالية.
وأما
إذا قورن بباقي المساجد المرابطية كمسجد تلمسان ، فإنه أقل مساحة منه و نجده يقترب من التقاليد التي
سارت عليها صحون العمائر الدينية و المدنية المغربية و الأندلسية، ونحن لا نعلم
إذا كان صحن المسجد قد تعرض لتغييرات وتجديدات كتلك التي أحدثت في صحن المسجد
الجامع بتلمسان في عهد الدولة الزيانية و ربما على يد يغمراسن نفسه، حيث تقلص حجم
الصحن في المسجد المرابطي ليصبح ذو شكل مربع بعد أن كان مستطيلا مثلما كان عليه
صحن مسجد
القرويين في فاس. و للإشارة فإن صحون
المساجد المغربية والأندلسية قد اتخذت نمطا واحدا أصبح فيما بعد تقليدا متبعا فيما
بينها حيث كانت مستطيلة عرضها أكبر حجما إذا ما قورن بعمقها، لتظل فيما بعد الصورة
القائمة في المساجد المرابطية والموحدية على حد سواء و أصبحت منذ ذلك الوقت سمة من
سمات العمارة المرابطية و الموحدية يمكن من خلالها تحديد صفة نوع العمارة و
تنميطها.
· أعمدة الجامع و دعاماته:
يحتوي المسجد الجامع بمدينة ندرومة على 37 دعامة أكبرها
دعامات رواق القبلة حيث اعتمدت عقود المسجد على دعامات مستطيلة أو على شكل اللام
الأوسط أو على شكل متقاطع و المربع و المستطيل يحمل عقدين أما الذي على شكل اللام
الأوسط فيحمل 3عقود والدعامة القاطعة تحمل 4 عقود، و لا شك في أن الأعمدة و الدعامات و ما يتصل بها أصبح بابا واسعا من
أبواب العمارة الإسلامية أضاف فيه المعماري المسلم إضافات لا بأس بها ، سواء في
أشكالها أو في وسائل ربطه بعضها ببعض و كيفية وصل العقود بالسقف أو إقامة قباب
فوقها، فبواسطة الأعمدة ينقسم بيت الصلاة إلى أروقة عمودية و أخرى عرضية موازية
لجدار القبلة ، و أما عن استعمال الأعمدة في المسجد الجامع بندرومة فهو كغيره من المساجد
المرابطية لم يعتمد في مظهره الداخلي على الأعمدة و ذلك لأن معظم المساجد
المرابطية خضعت لنمط جديد ألا وهو الدعامات التي تكون دوما ذات قاعدة مطولة أو مصلبة
ليس لها من الرشاقة حظ كبير، و قد تباينت في المسجد الدعامات بمقاساتها المختلفة،
و يتبن لنا من خلال هذا مدى الثقل الذي تحمله هذه الدعامات باتخاذها أشكالا مختلفة
وذلك لإحداث التوازن في هذه المنشأة .
· العقـــود:
لقد شاع استعمال العقد الحدوي في الفن المرابطي و بالأخص في المغرب و الأندلـس، و يعتبر العقد الحدوي أو عقد حدوة الفرس من بين أهم العناصر البارزة في العمارة المغربية والأندلسية، فبالرغم من أنه ظهر في العمارة المشرقية وبالضبط في المسجد الأموي.
و قد ساد هذا العقد في المسجد الجامع بندرومة خاصة في
بيت الصلاة و الصحن من جميع جهاته و هو الملاحظ في مسجد تلمسان و مسجد أحمد بن
طولون بالقاهرة إلا أنه لم تستعمل العقود المفصصة التي ظهرت في المسجد الجامع
بالجزائر العاصمة، حيث اعتمدت العقود الحدوية على الدعامات و هي تظهر بالصفة
الموازية تارة مع امتداد الأساكيب وتارة بالصفة العمودية على جدار القبلة مع
امتداد البلاطات مما زاد في تناسق المسجد و شكله الداخلي، فهو يمثل فنا معماريا
جديدا مقتبسا من طرز المساجد الكبرى كمسجد قرطبة ، لا سيما طريقة التغطية و نظامها
التخطيطي .
· المدخل
الرئيسي و المئذنة :
يقع المدخل الرئيسي للمسجد بالجهة الشمالية و هو يتوسط الجدار الشمالي و يفضي مباشرة إلى الصحن.
*المئذنة الزيانية للمسجد الكبير المرابطي - تعتبر من أهم آثار الزيانيين بندرومة:
· *المئذنة الزيانية للمسجد الكبير ندرومة* تعتبر من أهم آثار
الزيانيين بندرومة:
بنيت مئذنة مسجد ندرومة الكبير في العصر الزياني
على أيدي أهل المدينة ونفقتهم عام 749هـ/م1348 في خمسين يوم، كما تشير إليه اللوحة
المرمرية (التأسيسية) المثبة على يمين باب الدخول إليها بأحرف من النمط النسخي
المغربي والمنحوتة نحتا بارزا، كتب عليها ما يلي:
1.بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على سيدنا محمد
2.بناوهاد الصامع أهل ندرومة.
3.بأموالهم وأنفسهم وكل احتساب.
4.لله وانبنات في خمسين يوم.
5.وبناها محمد بن عبد الحق بن عبد
6.الرحمن الشيصي عام تسع وأربيعين.
7.وسبع ماية.
نفس السطر:على
اليمين رحمه الله، وعلى اليسار عليهم أجمعين.
لوحة المرمر
الموجودة على يسارصومعة الجامع الكبير
إذن فعمر مئذنة
الجامع الكبير لمدينة ندرومة يبلغ إلى وقتنا هذا ستة قرون ونصف القرن تقريبا، وهل
بنيت قبل اقتحام أبي ثابت بن عبد الرحمن للبلدة أو بعده؟ فالجواب: الله أعلم
بحقيقة الحال. على كل حال فإن قدوم أبو يعقوب يوسف (من ملوك بني زيان)الصوفي ، إلى
مدينة ندرومة ليتفرغ لعبادة الله وحده لمدة أربع سنوات، كان مشجعا في السعي
لبنائها ورفعها في مدة أقل من شهرين مما تحار فيه العقول وتضطرب له الأذهان.
بنيت مئذنة جامع
ندرومة الكبير تحت إشراف المهندس محمد الشيصي وفقا لطراز المآذن المغربية المربع
الشكل والذي ساد المغرب والأندلس منذ أول مئذنة أقيمت لأول مسجد في المغرب وهي
مئذنة جامع القيروان ، دون أن ننسى ذكر تأثرها بالمآذن الموحدية من حيث التكوين
والزخرفة خاصة مئذنة الكتبية بالمغرب.
ارتفاعها الكلي
يقدر ب 23.30موارتفاع البرج الأول السفلي 19.80م،تشتمل على تسع وتسعين 99 درجة
يطؤها الصاعد إلى قمتها فيذكر أسماء الله الحسنى، تنتهي برأس مستطيل البناء هو
الجوسق ، ارتفاعه 4.24م وقاعدته 2.04م.
برجها السفلي مرصع
من جهاته الأربعة بزخارف هندسية على هيئة شبكة من المعينات والعقود المفصصة
والمنكسرة. وقد قسم كل وجه من أوجهها الأربعة من الناحية الزخرفية إلى جزئين، يحكى
أن الزخرفة الخاصة بكل واجهة من واجهات المئذنة الأربعة تكلفت بها قبيلة من
القبائل الأربعة المعروفة آنذاك والقاطنة في الحي المقابل للواجهة. الأحياء
الأربعة هم: بني عفان – بني زيد – الخربة – أهل السوق.
و هي تشبه مئذنة الجامع الكبير بتلمسان إلى
حد كبير، و تجمعها صفات مشتركة بينها وبين
المآذن المغربية الأندلسية بصفة عامة و المآذن المرينية بالمغرب والزيانية
بتلمسان بصفة خاصة .
هذا وقد كان يتعين على الحاكم في بنائه
المسجد الجامع أن يراعي ظروف ساكني أرجاء المدينة فيتخذ لهم مساجد لأحيائهم تسمى
مساجد الأحياء فحينما كثر المسلمون في عهد النبي صلى الله عليه و سلم
أمرهم بإنشاء المساجد في الأحياء و هذا ما
عرف فيما بعد بمساجد الأحياء، و التي كانت مخصصة للصلوات الخمس و قد كان نظام
المدن الإسلامية يقتضي أن يكون في كل حي مسجده الخاص به ، و ذلك للمحافظة على الصلوات و أيضا للمحافظة على روح الجماعة التي
يقررها الإسلام و يحث عليها، و قد حافظت المدينة الإسلامية على هذا النظام قرونا
عديدة فقد أنشأ المسلمون في المدن التي فتحوها (
مساجد الأحياء ) أو مساجد الفروض الخمسة لكي يؤدي بها المسلمون صلاتهم غير الجامعة
دون اضطرار للذهاب إلى المسجد الجامع خاصة إذا كان بعيدا عنهم ، وكان عمر بن
الخطاب أول من أمر بذلك فقد كتب إلى أبي موسى و هو على البصرة
يأمره أن يتخذ مسجدا للجماعة ويتخذ للقبائل مساجد فإذا كان يوم الجمعة انضموا إلى
مسجد الجماعة.
و قد سار المرابطون
سادة المغرب على نهج السلف الصالح باتخاذهم مساجد الأحياء كما سبق ذكره وذلك بأمر
من الأمير يوسف بن تاشفين، أما من الناحية المعمارية و الفنية لمساجد الأحياء فقد
جاءت بسيطة لا نجد لها أمثلة في غير أرض المغرب و هي ببساطتها تقترب من البداوة بل
من البدائية لكنها تنطق بالإيمان الصحيح الذي يعبّر عن إسلام صاف لا تشوبه شائبة
تكلّف أو زهو، وهو على طراز المساجد الشعبية الصغيرة التي نجدها في القرى والواحات
وأحياء المدن، وبالتالي فهي مساجد تقتصر على الحد الأدنى من عناصر العمارة
المسجدية فنادرا ما نجد فيها قبة ذات فخامة أو مئذنة سامقة و لكننا نجد فيها دائما
إيمانا ربما خلت منه مساجد أخرى تكلفت الألوف بعد الألوف.
كما يوجد مسجدان خارج المدينة، وهما: مسجد سيدي يحي، ومسجد سيدي أحمد البجائي.لكن
من أهم هذه المساجد والتي صنعت تاريخ
ندرومة؛ نجد المسجد الكبير، ومسجد سيدي أحمد البجائي ، مسجد سيدي سياج، ومسجد سيدي
يحى بن زعيوف. وبناء على التاريخ المذكور أعلاه-1081م- فإن المسجد الكبير بندرومة يعد من أقدم المساجد في الجزائر، ويليه المسجد الكبير
بتلمسان الذي شيد عام 1082، والمسجد الكبير بالجزائر العاصمة الذي بني
عام1096م.
وحسب الرواية المحلية؛ فإن المسجد الكبير قد شيد مكان ضريح سيدي العوفي المتوفى في القرن الخامس الهجري، والذي نال شهرة و
احترام في وسط السكان الذين أقاموا سجدا
فوق ضريحه، وقد أعيد بناء المسجد بعد خرابه بأمر من الباي محمد الكوردي (1794-1773) عام 1208هـ، وهو نفسه الذي استولى على مدينة
وهران بعد خروج الأسبان منها عام 1790م.
وقد اعتاد سكان ندرومة على غرار سكان تلمسان على طلاء المسجد الكبير
بالجير الأبيض، كل شهر رمضان، وإعطاء حلة
بيضاء جميلة تيمنا بالشهر الكريم.
تاريخ الحمام البالي المرابطي بندرومة :
يعتبر الحمام من بين أهم المنشآت
المدنية في المدينة الإسلامية و ذلك لما يقدمه من خدمة لسكانها و ما يوفره من راحة
لعامة سكان المدينة، حيث كثر إنشاء مثل هذه المنشآت لحاجيات وظيفية مرتبطة بدعوة
الإسلام للنظافة و التطهر و عدم قدرة العامة على تضمين منازلهم حمامات خاصة وبرغبة
القادرين على إنشاء هذه الحمامات العامة لاستثمار أموالهم في إنشائها لما تدره من
ربح وفير لشدة الطلب عليها.
و أما عن الحمام المرابطي بندرومة فإنه يترجّح لدينا أنه يعود للفترة
المرابطية ويدخل ضمن المنشآت التي قام المرابطون ببنائها وتشييدها، ويأتي مكمّلا
للجامع الكبير الذي يفصله عنه الشارع ، وهو من مستلزمات الطهارة التي لا
تقضى الصلاة إلا بها، ولا تؤدى فريضتها إلا بالاغتسال التي بني الحمام من أجلها .
والحمام لغة هو المَسْخَن من الفعل حمى بمعنى سخن، وقد اتفق في التعريف اللغوي
للحمام ابن منظور في لسان العرب، و المقريزي في الخطط أنه الحميم و الحميم، هو
الماء الحار، ويتوافق هذا مع حرارة الحمام الفعلية و سخونة مائه و تأثيرها في جسم
المستحم من تصببه عرقا.
و أما عن
الحمامات السابقة لحمام ندرومة في المغرب الأوسط و مدى تأثره بها فيتبين لنا من
خلال ما ذكره البكري أن عددا كبيرا من الحمامات كان متواجدا في مدن المغرب و قراه،
فأرشقون مثلا بتلمسان كان يتواجد بها حمامان، و أما مدينة جراوة كان بها خمس
حمامات، و بسبتة فعدد الحمامات بها لا يتجاوز الثلاثة، أما تيهرت فقد كان يتواجد
بها اثني عشرة حماما، و في مدينة فاس فقد كان عدد الحمامات بها في القرن 05هـ/11م
عشرون حماما .
و لقد كثرت الحمامات و تعددت في المدن الإسلامية و أصبحت إحدى الظواهر البارزة في
المجتمع الإسلامي فالحمام يحتل المرتبة الثانية مكانة بعد الدار حيث كانت عادة
الاستحمام من العادات المتأصلة بعمق في الإسلام للطهارة والنظافة و دليل ذلك أنه
ما كادت شمس الإسلام تغرب عن الأندلس حتى بطلت عادة الاستحمام في البلاد التي
أصابها الاسترداد.
ومما يجعلنا نرجح أن الحمام بني خلال المرحلة المرابطية هو تشابه نظامه
المعماري و تخطيطه بنظام و تخطيط الحمامات المغربية، التي لم يخرج نظام تخطيطها عن
حمامي مدينة الزهراء و قلعة بني حماد، الذي أصبح فيما بعد النسق المتبع و النظام
المطبق في الحمامات المرابطية و الموحدية، إلا أنه و من خلال الدراسة التي قام بها
أندي بازانا و التي جاء موضوعها حول دور و منازل شرق الأندلس في العصر الإسلامي ،
و التي أشار إليها الأستاذ عبد العزيز لعرج في أطروحته، و التي توحي بأن نظام حمام
ندرومة له نفس التقسيمات التي احتوت عليها حمامات القرى التي أشار إليها بازانا،
أي البيت البارد و البيت الدافئ و البيت الساخن الذي يتصل به نظام التسخين،
و بربط الصلة بين حمامات القرى و المدن الحضارية الكبرى، فإن الإختلاف لا يبدو
كبيرا بقدر ما يبدو متناسقا يتمم بعضه بعضا ، ما عدا الثراء الزخرف الذي تكاد
تخلوا منه حمامات القرى و الأرياف.
كما أن قرب حمام ندرومة من المسجد الكبير المرابطي قد يصلح دليلا
لأن نقول بأنه قد أنشأ معه في نفس الفترة، لأن الحمامات العامة كانت تتخذ أماكنها
بجوار المساجد والمساجد الجامعة سواء في وسط المدينة أو أحيائها السكنية،
لارتباطها بالطهارة والنظافة، لقوله تبارك و تعالى " يا بني آدم خذوا زينتكم
عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ".
وعن تخطيط الحمام المرابطي فقد أشار الدكتور عبد العزيز لعرج
في أطروحته، نقلا عن ميشال تيراس إلى حمام زاغورة المرابطي الذي نشر مخططا له يتضح
من خلاله أنه يتكون مثل الحمامات القديمة من قاعة لخلع الملابس وملاحق لها وثلاث
قاعات هي الباردة والدافئة والحارة و فرن التسخين وهذه الأدلة تساعدنا في
ترجيح ونسبة الحمام إلى الفترة المرابطية من خلال أقسامه المعمارية التي تشبه
كثيرا حمام زاغورة الذي أشار إليه الدكتور عبد العزيز لعرج .
يقع الحمام البالي بالجهة الجنوبية المقابلة للمسجد الجامع، وكلاهما
يشرف على طريق واسع وقد تعرض الحمام البالي لعدة إصلاحات وترميمات أتت على بنيته
الأصلية وجماليته التي أنشأ عليها حيث تغيّر شكله العام ونمطه وطرازه المعماري
وجوهر تخطيطه، ويحتوي الحمام عموما على أربع قاعات هي على التوالي :
1. القاعة
الباردة أو قاعة
الاستراحة -FRIGIDARIUM
2. القاعة
الدافئة -TEPIDARIUM
3. القاعة
الساخنة أو
الحارة - CALDARIUM
4. الفرن أو
الفرناق
وقد توزعت هذه القاعات على مخطط بنائي اتخذ شكلا شبه مستطيل صغير الحجم إذا ما
قورن بباقي الحمامات خاصة حمام قصر المنار بقلعة بني حماد، و هو يمتد من الشمال
إلى الجنوب، والحمام يتربع على مساحة 162م2 مما يؤهله لأن يتسع
لعدد كبير من الزبائن سواء من سكان المدينة أو من خارجها، وهو بذلك يحتل مكانا
استراتيجيا في المدينة مما ساعد على عدم تعرضه للتخريب وحفاظه على أجزائه وعناصره
المعمارية التي نقوم الآن بدراستها، وأيضا مما يبين أهمية الحمام هو اهتمام
السلطات المعنية بترميمه وتصنيفه ضمن المعالم الأثرية و المنشآت الهامة في المدينة
.
الوصف
العام لأقسام الحمام :
المظهر
الخارجي للحمام :
يبدو المظهر الخارجي للحمام ذو شكل مستطيل حيث يمتد من الجهة الجنوبية إلى الجهة
الشمالية و يفصله عن المسجد الجامع بندرومة شارع التربيعة حيث تقابل كتلة مدخله
الجدار الجنوبي للمسجد و قد تعرض الحمام إلى عملية ترميم حديثة مست جميع أقسامه
مما أثر على بنيته الأصلية كما يبدو ذلك واضحا من خلال المادة التي استعملت في
تغطيت جدرانه من الخارج و الداخل على حد سواء و المتمثلة في الملاط، و أيضا السقف
الذي يعلو كتلة المدخل و تغطي الحمام أقبية نصف أسطوانية بها عيون زجاجية استعملت
الإضاءة مع قبة تتوسط الغرفة الدافئة و نجد أيضا ثلاثة مداخن مخصصة للدخان، و يمكن
تقسيم الحمام إلى ثلاثة أقسام هي كالآتي :
القسم الأول :
ويتمثل هذا القسم في كتلة المدخل التي تواجه الجامع ويبلغ عرضه 1.10م تقريبا يؤدي
مباشرة إلى الغرفة الباردة أو غرفة الاستراحة وتبلغ مقاساتها 7.70م ×6.79م أي أنها
مائلة إلى الإستطالة و هي مخصصة للراحة والإسترخاء أو كما يسمى بيت
الإستراحة و الذي يظهر لنا في الحمام الملكي بقصر الحمراء في أحسن
صورة،ويفصلها إلى جزئين مجموعة من العقود الحدوية القليلة الإنكسارالتي شاع
استعمالها في العمائر المرابطية يحملها عمودان من مادة الرخام وهما أصليان
في الحمام و أبدانها مستديرة .
القسم الثالث :
ويتمثل هذا القسم في الغرفة الحارة والفرنق أو الفرن والغرفة الحارة مستطيلة الشكل
تقريبا وهي تحتوي على غرفة جانبية مقاساتها 4.14م×1.98م، إضافة إلى ذلك فإن مقاسات
الغرفة الساخنة هي 5.79م×3.71م ، و الغرفة الجانبية عادة ما كانت تعتبر خلوة أو
غرفة منفردة تخصص للشخصيات المتميزة في المجتمع ويستخدمها العرسان والعرائس عند
زفافهم، وقد أشار إلى ذلك الحسن الوزان في كتابه.
ويوجد
بالغرفة حوضين أحدهما للماء البارد والآخر للماء الساخن طول ضلع كل واحد
منهما 1.81م تغرف منها المياه، و هذه الغرفة الساخنة احتوت على مصطبات حجرية لجلوس
المستحمين وتنظيف أجسامهم، وقد خصص لخدمتهم طياب يقوم بمسدهم وتنظيف أجسامهم
ويتقاضى على ذلك أجرا، ويغطي هذه الغرفة قبو نصف أسطواني به عيون زجاجية للإضاءة
وزيادة النور.
وقد غطّيت هذه الغرفة بقبو نصف أسطواني يحتوي على فتحات
للإضاءة أو عيون زجاجية، وقد استعملت مثل هذه الأقبية في الحمام الذي تم العثور
عليه من خلال الحفريات التي تمت في مدينة قرطبة بالقرب من الجامع الكبير، وتساعد
هذه الفتحات على دخول النور ويخلوا هذا القبو من أي مظهر زخرفي وقد ألحق بهذه
القاعة مرحاض يقع على يمين باب الدخول.
القسم الثاني : ويتمثل هذا القسم في القاعة الدافئة التي
تتصل بالغرفة الباردة بباب عرضه حوالي 0.76م و ذلك في منتصف الضلع الغربي للقاعة
الباردة أما القاعة الباردة فهي مربعة الشكل تقريبا 6.33م×7.28م و تعتبر هذه
الغرفة أكثر اتساعا و ذلك لأنها تعتبر المتنفس الذي يصادف المستحمين مباشرة بعد
خروجهم من الغرفة الساخنة حيث تغطيها أربعة أقبية نصف أسطوانية تتوسطها قبة وجدت
بها عيون زجاجية للإضاءة تحمل هذه القبة أربعـة أعمدة تحمل عقود حدوية متقاطعة، و
أبدان هذه الأعمدة مستديرة وهي من الرخام الأبيض وتعتبر هذه الأعمدة أصلية لم
يستغنى عنها في الترميم.
وتوجد بهذه القاعة أربعة مصطبات للإستراحة وهي تحيط
بالقاعة من ثلاث جهات قد زودت جدران هذه القاعة بحنايا لوضع الملابس والمناشف
ولوازم المستحمين، وفي جنوب القاعة الدافئة يفتح باب صغير عرضه 0.80 م يصل ما بين
القاعة الدافئة والحارة.
أما عن الجزء الثاني من القسم الثالث فهو
الفرنق الذي يعتبر جزء هاما من الحمام و ذلك بالنظر إلى أهمية الوظيفة التي يؤديها
من حيث تزويد الحمام بالماء الساخن، ويقع في الجزء الجنوبي من الحمام وهو ذو حجرة
مستقلة عن باقي القاعات و مقاساتها 7.40م ×2.43م، و يغطي هذه القاعة قبو نصف
اسطواني و لها مدخل خاص خارج الحمام و هو ذو اتساع 1.03م وذو عقد حدوي صغير
وننزل للفرن بـ 13 درجة لنصل إلى الجزء الثاني من الحجرة حيث يوجد الموقد، الذي
يعلوه القدر الخاص بالماء، و يتم عبر أنبوب ممتد من البئر تزويده بالماء ليسخن بعد
ذلك و يزود الفرن القاعات الساخنة بالبخار والحرارة عبر قنوات فخارية تمتد تحت أرضية
الحمام، و هذا ما استعمل أيضا في حمام قصر المنار بقلعة بني حماد و في حمام
قصر منية بمدينة الزهراء بالأندلس، و استعملت هذه القنوات لتزويد قاعات الحمام
بالهواء الساخن .
ويزود الموقد بفضلات النجارة والحطب و هي مخزنة في حجرة الفرن، وفي منتصف
قبو هذه الحجرة أحدث ثقب لتهوية القاعة ولمساعدة الفرن في إضرام ناره وعدم بقاء
الدخان المتصاعد من الموقد في القاعة.
و بمقارنة حمام مدينة ندرومة بحمام بقصر المنار بقلعة
بني حماد يمكن لنا ملاحظة أوجه التشابه و المقاربة بينهما، من خلال القاعات الثلاث
و من خلال العناصر الأساسية المكونة لهما، انطلاقا من كتلة المدخل التي نجدها في
حمام ندرومة تفضي مباشرة إلى القاعة الباردة على العكس مما هو في حمام القلعة فإن
المدخل فيه يفضي إلى قاعة الملابس أولا ثم القاعات الثلاثة و أيضا طريقة تسخين
أرضية الحمام و القاعات فقد جاءت متشابهة، و ذلك من خلال أروقة يمر من خلالها
الهواء الساخن، و لا غرابة في أن يكون هذا النظام المعماري هو السائد في تلك
الفترة .
و أما عن حمامات الأندلس تتجلى لنا صورتها في حمام مدينة الزهراء و بالضبط
في قصر منية الذي سار على نفس طراز قرطبة الفني و المعماري، حيث جاءت مشابهة
بالحمامات الأموية بالمشرق، فهي متكونة من قاعة أولى مغطاة بقبو متقاطع تليها
قاعتان غطيت كل منهما بقبو نصف أسطواني، تخترقها فتحات للإضاءة، و يقابل القاعة
الحارة الموقد أو غرفة التسخين، و يمتد عبر أرضيتها أنابيب فخارية لمرور
البخار، و من خلال ما سبق ذكره يمكن القول أن حمام ندرومة و غيره من
الحمامات المغربية جاء نظام تخطيطها متأثرا بمثيلاتها في المشرق و المغرب و الأندلس،
حيث أن هذه الحمامات المبكرة في الإسلام بنيت في غالبها على أنقاض حمامات قديمة
ترجع إلى الفترات الإغريقية الرومانية و الحمامات المصرية القديمة والفارسية، و
يندرج الحمام البالي لمدينة ندرومة ضمن الحمامات العامة التي تقع وسط المدينة
بالقرب من الجامع الكبير ليقصدها عامة الناس وعابري السبيل و الغرباء وقد خصص هذا
الحمام للرجال فقط ولا ندري إن كان ذلك في فترة حديثة أو منذ نشأته.
وكان الحمام هو المكان الذي يستشعر فيه المرء ببهجة
الحياة فيولد في نفسه إحساسا بالراحة و يحدث فيها شعورا بانتعاش بدني و روحي وأيضا
الشعور النفسي الذي يحدثه بخار الماء وما يتبعه من تدليك، فضلا عن ذلك الفوائد
الصحية و العلاجية من نظافة و تنشيط الجسم وعلاج الأمراض العابرة كأمراض
المفاصل وقد ألحق بالحمام من يقوم بخدمة الزبائن وغالبا ما يتكوّنون من صاحب
الحمام أو نائب له وعمله تحصيل الأجرة من زبائن الحمام و مراقبة العمل فيه، ومسؤول
آخر عن أغراض الزبائن وملابسهم، وأيضا مجموعة من العمال المعروفين باسم "
الطيّاب" أو " المسّاد" وهؤلاء مهمتهم داخل الغرفة الساخنة ويقوم
صاحب الحمام على تزويد الفرن بالحطب وتفقّده وذلك لتسخين الحمام ومراقبة درجة
حرارته .
أما من الناحية المعمارية فإن المعلومات تنقصنا
عن الحمامات المغربية الأندلسية قبل القرن 6 هـ/ 12م والدراسات قليلة حول الجانب
المعماري لها ورغم هذا فإن حمامات ق5هـ-6هـ /11م-12م قليلة في المغرب فإن
نظمها المعمارية تشبه الحمامات الأندلسية والمشرقية، التي كانت ولا شك سائدة في
حمامات المدن المغربية وقراها ، فمدينة فاس كان عدد حماماتها في القرن 5هـ/11م
عشرين حماما.
وحمام مدينة ندرومة إذا ما قورن بحمام الصباغين الذي
ينسب إلى حمامات القرن الخامس الهجري يشابهه إلى حد كبير، وذلك من حيث تغطية
الحمام بالأقبية النصف أسطوانية، وقبة ثمانية الأضلاع نجدها في حمام الصباغين
تتوسط الغرفة الباردة أما في حمام ندرومة فهي تتوسط الغرفة الدافئة و من أوجه
التشابه بينها أيضا تلك الثقوب التي تزود القاعة الساخنة بحرارة الموقد، إلا أن
الإختلاف بين هذين الحمامين يكمن في أن حمام الصباغين يخلو من الغرفة الدافئة
والتي نجدها في حمام ندرومة .
ونظرا لفوائد الحمام المتعددة فإنه أصبح من مستلزمات المدينة
الإسلامية بحيث حافظ على نظامه المعماري القديم بأقسامه وأجزائه مجسدا بذلك أهمية
العمارة المدنية في المدينة وأيضا مدى أهمية الاعتناء بها لتلبية احتياجات المجتمع
في مختلف الميادين.
وهكذا فإن العمارة المدنية المرابطية ما هي إلا امتداد
لسابقتها من العمائر الأموية في المشرق ونظيراتها في الأندلس كما بينا ذلك وحتى
وإن اختلفت فتراتها التاريخية فإن تقسيماتها وعناصرها المعمارية شكلت قاسما مشتركا
بينها حتى ولو تباينت المسافات واختلفت اللهجات، ويوضح ذلك الدراسة الوصفية
السابقة التي بينت الصور المعمارية للمباني المرابطية ولو بصفة تقريبية معتمدة في
ذلك على الترجيح والاستنتاج والمقارنة بينها وبين نظيراتها في المشرق أو في المغرب
والأندلس.
ملحوظة: من بين ما هو متداول بين الأوساط الشعبية
الندرومية لاسيما الشيوخ هو وجود ممرا سريا (سرداب) يوصل الحمام البالي بقصر
السلطان.
الحقبة الموحدية : القرنين السادس و السابع
ندرومة مهد الدولة
الموحدية و سندها المتين
أصبحت مدينة ندرومة في ذلك العهد المهد الحقيقي للموحدين و سنادهم
المتين و هذا ذكره العديد من الكتاب و المؤرخين اذكر عبد الواحد المراكشي ( و هو
ابو محمد عبد الواحد علي التميمي المولود سنة 581هـ/1185م ايم السلطان أبي يعقوب
ثالث خلفاء الموحدين ) .
فقال المراكشي في كتابه المعجب في تلخيص أخبار المغرب ، المؤلف سنة
621هـ/1185 م و المخصص للدولة الموحدية بعد تقديم لمحة تاريخية عن الأندلس إلى
تاريخ المرابطين جعلها توطئه للكلام على الدولة التي عاش في أحضانها و صاحب كثيرا
من رجالاتها ، مايلي ..عبد المؤمن هذا هو عبد المؤمن بن علي بن علوي الكومي أمه
حرة كومية ( و الكومية من فاتن و قبيلة ندرومة تنتمي اليها ) أيضا من قوم يقال لهم
بنو مجبر مولده بضعية من أعمال تلمسان تعرف بتاجرا و قيل انه كان يقول اذا ذكر
كمية لست منهم و انما نحن لقيس عيلان بن مضر بن بزار بم معد بن عدنان و
لكمية علينا حق الولادة بينهم و المنشا فيهم و هم الاخوال ...
كان مولد في اخر سنة 547هـ/1088 م في أيام يوسف بن تاشفين مؤسس دولة
المرابطين و كانت وفاته في شهر جمادى الاخرة سنة 557هـ/1160-1161م و مدة ولايته من
حين اثتوثق له الأمر بموت علي بن يوسف أمير المسلمين في سنة 537 على التحقيق إحدى
و عشرين سنة ...
و قال عنه مبارك الميلي في كتابه ، تاريخ الجزائر في القديم و الحديث .
...ولد عبد المؤمن بقرية تاجرا من ساحل تلمسان على ثلاثة أميال من مرسى
هنين سنة 487 و كان والده علي فخارا يعمل النوافيخ ،و قيل كان قاضيا و ليس لقبيلته
كومية شان و نشا فقيرا طالبا للعلم فارتحل إلى بجاية فاتفق ان كان ابن تومرت
قد اخرج منها الى ملالة ووجد له ذكرا فقصده في تأسيس هذه الدولة .
و كان عبد المؤمن حازما مقداما سدسد الرأي حسن السياسة كثير البذل للأموال
إلا انه كان صارما سفاكا يتذرع إلى نيل ماربه بوسائل غريبة يتم بعضها عن حكمه
فائقة و كان يعظم امر الذين و يأمر الناس بالصلاة و يأمر بقتل من وراه غير مصل . و
جمع الناس على مذهب الإمام ملك في الفروع و على مذهب أبي الحسن الأشعري
(260-324هـ/874-936م) في الأصول و كان يجل العلماء و الفقهاء و الشعراء و هو نفسه
فقيه و شاعر فصيح عالم بالجدل و الأصول حافظ للحديث مشارك في العلوم الدينية و
غيرها كعلم النجوم و اللغة و الأدب و التاريخ و قد قصدته الشعراء و امتدحته
بأحسن المدائح و عادت منه باجزل العطايا ...(المرجع كتاب دائرة المعارف للبستاني 1848-1884
مجلد 11 ص 647 طبعة سنة 1318هـ/1900.
و كان عبد المؤمن حسب قول صاحب المعجم. و هو يصفه ابيض .ذا جسم تعلوه حمرة
.شديد سواد الشعر معتدل القامة وضاء الوجه جوهري الصوت فصيح الألفاظ جزل المنطق و
كام محببا إلى النفوس لا يراه احد إلا احبه و بلغني ان ابن تورمت الذي فضله على
غيره في تعيينه خلفا له كان ينشد كلمات راه:
تكاملت فيك أخلاق خصصت
بها
فكلنا بك مســــرور مغتبط
فالسن ضاحكة واكف
مائحــة
و الصدر منشرح و الوجه منبسط
لقد اصبح المغرب العربي كله موحدا سياسيا بعد ان كانت وحدته مقصرة على
الجانب الاقتصادي .
و قد ساعد تحقيق هذه الوحدة على تنشيط العمران و ازدهار الاقتصاد ، كما ادى
إلى تطور ثقافي و علمي منقطع النظير و من خلال ذلك ساهم المغرب العربي بعطاءات
حضارية معتبرة في هذا العهد يمثلها بروز ععد من رجالات العلم و الأدب و الدين ....
أخد عبد المؤمن في فتح المغرب في ثلاث كرات فاستولى على تلمسان عاصمته في
الجزائر سنة 1144 و فاس 1145 و مراكش عاصمته في المغرب الأقصى 1146 ثم وهران و
الجزائر العاصمة و بجاية حيث شرد منها بني حماد 1151-1152 و قضى على بني هلال في
سطيف 1153 ووصل الى تونس ثم حارب دولة المرابطين في جزيرة الأندلس و ادخلها في
طاعته و صفوف بنوده الستة عشر قواهم و أسطولهم المخيف لحمايتها حتى ان حفيده ابو
يوسف يعقوب الملقب بالمنصور 1184-1199 أوصى بها لما حضرته الوفاة قائلا و أولاده و
أعيان الموحدين حاضرون :
أوصيكم بالأيتام و اليتيمة قيل له و ما الأيتام و اليتيمة قال اليتيمة
الأندلس و الأيتام أهلها انه ليس في نفوسنا شيء أعظم من همها ولو مد الله في اجلنا
لما نتوان في جهاد كفارها حتى نعيدها دارا للإسلام ...
تاريخ الجزائر في القديم و الحديث ص 228 لمبارك الميلي و لكن هذه
الوصية لم يعمل بها مع الأسف لا قبل ولا بعد وفاته وبالأخص أثناء
انحطاط الدولة الأموية في الأندلس سنة 404هـ/1013م فتلاشت و نهبت قصور الحلفاء و
انهارت المدن فلو عاينا ما بقى منها من أطلال لبكينا كما بكى الشاعر السميسر
(----) على الزهراء التي كانت تقع على بعد أربعة أميال من شمال غربي مدينة
قرطبية و لم يبق منها الا أوصافها في كتب التاريخ و الجدير بالذكر ان الحروب
و الصراعات الداخلية المستنزفة لقوة دولة الموحدين و لثوارتها لم تعطل الإنتاج
الفكري و الثقافي و الاقتصادي بل العكس فنهضوا لنشر دين الإسلام و العلوم و الآداب
و حافظوا على ما قبلهم من عمران و حضارة و اعتنوا كثيرا بالأندلس و عرف عهدهم
تحركا علميا اقتدى به علماء اجلاء كابن طفيل ابوبكر محمد 1100-1185 العلم الموسوعي
و ابن رشد ابو الوليد محمد ابن احمد 1126-1198 طبيب ابي يعقوب يوسف الخليفة
الموحدي ولد عبد المؤمن بن علي و ابن جبير محمد بن احمد 1145-1217 الفقيه الأندلسي
و غيرهم و امتاز عصرهم ولا سيما في الفترة الأولى منه الى سنة 610هـ/1213م بالعدل
و الأمن فعقدت الدولة الموحدية في أيام عبد المؤمن وبنيه معاهدات تجارية مع دول
أوروبا و خاصة مع جمهورية جنوة سنة 548/1153م مما يدل على السمعة الشائعة و السلطة
الكافية و التقدير التي كانت الدولة تتمتع بها و هذا ما تناوله الميثاق الوطني
بالعبارات الآتية:
....وقد أصبحت الدولة الموحدية أهم قوة سياسية في حوض البحر الأبيض المتوسط
و هذا ما جعل صلاح الدين الأيوبي 1178 -1193 يطلب عام 586هـ1190 م من رئيسها يعقوب
المنصور ان يساعده بقطع طريق سوريا على الجيوش الصليبية ...
ازدهرت مدينة ندرومة و قبائلها الكومية و أخذت مكانة مرموقة في أيام عبد
المؤمن و لعبت لفائدة دولته دورا سياسيا هاما في الناحية و لا يخلوا تاريخها من
الأساطير التي اختلقها بدون شك الخيال لتفسير ما عجز عنه العقل و لتعظيم العالم.
قصر السلطان الموحدي أو القصبة الصغيرة لمدينة ندرومة
قصر السلطان الموحدي أو القصبة
الصغيرة لمدينة ندرومة
يقع قصر السلطان الموحدي أو كما يسميه سكان المدينة سيدي
سلطان أو القصبة ، في الجهة الجنوبية من المدينة.
* بني في عهد الدولة الموحدية حوالي عام 555هـ/م1160
بأمر من أمير المؤمنـين عبد المؤمن بن علي الكومي.
*
تعبد بهذا القصر في عهد الدولة الزيانية السلطان أبو يعقوب يوسف الزياني لمدة تزيد
عن الأربع سنوات بحيث كان همـــه الوحيد
في هذه الفترة الزهد في الدنيا والتصوف، حيث تفـــرغ فيها للعبادة.
*
أبو يعقوب يوسف الزياني: أب أبي حمو موسى الثاني، الأمير الزياني الذي تزوج
بمدينة ندرومة من امرأة ندرومية، أنجبت له بنفـــس البلدة "ابن تاشفين"
الذي تقلد ملك الدولة الزيانية بعد أبيه.
* سنة
و أخوه ابي ثابت أميرا بتلمسان للدولة الزيانية ، مما شجع
بعد وقوع اضطرابات في أوساط بني مرين على استغلال الظروف من طرف
الأمير أبو ثابت وأخوه أبو سعيد ليفتكا من أيدي بني مرين كل من المدن ( هنين - تلمسان - ندرومة ) و استرجاعها بحيث كانت تحت سلطة
المرنيين.
انعزال أبو يعقوب يوسف بقصر السلطان بندرومة تعبيرا منه لإخوته عن خلو ذهنه عن أي طموح سياسي أو رغبة في الحكم خصوصا و الصراع على أشده بين دويلات المغرب و قبائله و بين أمراء عائلة الدولة الواحدة و هو ما دفع الأخوان أبو سعيد و أبو ثابت إلى النهوض لإعادة إحياء الدولة الزيانية دون تخوف من أخيهما الأكبر أبي يعقوب والد أبي حمو المنعزل في ندرومة و في الوقت الذي كان فيه أبو حمو و عائلته مستقرين في ندرومة تحت الحكم المريني اتجهت أنظار سكان المدينة إلى بناء مئذنة الجامع الكبير ، و لا شك أن أبا محمد و والده ساهما في ذلك ، فالنص التأسيسي للمئذنة يشير إلى أنها بنيت على يد أهل المدينة.
صاحب أبا يعقوب طيلة مكوثه بندرومة ابنه ابو حمو موسى
الثاني الذي صــار فيما بعد سلطـان تلمسان في سنة 1359م * فولد لهذا الأخير
بندرومة من أم ندرومية ولد يدعى*ابو تاشفين* في شهر ربيع عام 752هـ/1351م.
* بعد انهزام أبي ثابت سنة 1352م فر و معه ابن اخيه ابو
حمو الثاني متوجهين نحو افريقيا (تونس)، لكن أبوه ابا يعقوب يوسف المعتكف بندرومة
و حفيـــده ابا تاشفين بقيا بندرومة .
* ثم عادت ناحية ندرومـة الى نفود بني مرين و امر ابو
عنان المر يني بعــدم إدايتها و اخذهم فيما بعد الى عاصمة فاس حيث عاملها معاملة
حسنة ثم أرجعها بعد ذلك الى تلمسان.
من أسباب تشييد هذا القصر: شيد القصر ليكون مركز للعمليات وتسيير إدارة دواوين المملكة الموحدية وذلك بعد المؤامرة التي حيكت ضد أمير المؤمنين عبد المؤمن بن علي الكومي بمنطقة "العين الكبيرة" التي تبعد عن مدينة ندرومة بحوالي 10 كلم، وتم ذلك من طرف بعض أفــراد عساكره، وكان الهدف هو اغتيال أميرهم الذي قام بعد هذه المحــاولة ببناء سجن بقصرالسلطان لم يبق منه إلا جدران خاشعة تخفي أسرارا ثمينة، تعرف لحــد الآن بالقصبة. كما جدد أسوار مدينة ندرومة وأحاطها بالأبراج وشيــد مسجدا مازال يعرف لحد الآن بسيدي أحمد البجائي والمتواجــــدة آثاره حاليا بمقبرة البلدة.
* يفترض وجود سرداب أو ممر سري يوصل قصر السلطان بحمام البالي المتواجد بحي التربيعة بالقرب من المسجد الكبير المرابطي، كما يوجد باب سري يتوسط الجدار الجنوبي للقصر، هي الآن ممر لقنوات المياه تربط القصر بحي سيدي عبد الرحمن، كما يوجد من الجهة الشرقية مسجد صغير يدعى سيدي سلطان، به عدة أضرحة ولا يزال محرابـه قائما إلى اليوم، كان السلطان يؤدي فيه الصلوات الخمسة اليومية رفقة حاشيته سكان القصر.
حقبة بني عبد الواد الزيانية مابين القرنين السابع و العاشر :
الذي انعكس اكثر من مرة على مدينة ندرومة و من هذا
القبيل موت جابر بن يوسف سنة 629هـ-1231م في عهد ادريس المنصور المامون الموحدي
الذي استولى على تلمسان و على حواضرها ما عدا ندرومة فحاصرها و هلك بقربها بسهم
اصابه من داخلها و لم يستولى عليها الا في
وقت ابي عزة زيدان بن زيان ثم اصبحت بعد ذلك مقر المولى ابي يعقوب الاخ الاكبر
لابي ثابت من 749هـ/1348م الى سنة 755هـ/1352 م اختارها سكنى.
و لكنها عرفت قبل هذه الفترة تقلبات و اضطرابات جعلتها
تارة تحت حكم بني زيان سنة 667هـ/1268-
فقص علينا ابو عباس احمد بن خال المناصري السلاوي 1250 هـ /1835-1315هـ/1897 م في كتاب الاستقصاء لاخبار دول المغرب الاقصى ،حصار ندرومة السلطان ابي يعقوب يوسف المريني 685هـ/1286-706هـ/1307م لمدينة تلمسان تشييده بازائها مدينة المنصورة فقال : *لما رجع السلطان يوسف من محاصرة تلمسان فاتحا سنة 698 هـ مر في طريقه بوجدة فانزل بها الحامية من بني عسكر وامر اخاه ابا بكر بشن الغارات على اعمال بني زيان فامتثل الامير ابو بكر رامره الح على النواحي بالغارات فضاق اهل ندرومة بذلك درعا ووافدوا وفدا منهم الى الامير ابي بكر يسالونه الامان لهم و لمن وراءهم من قومهم على ان يملكونه من قيادة بلدهم و يدينوا بطاعة السلطان يوسف فبذل لهم من ذلك ما ارضاهم و نهض الى البلد فدخله بعسكرة وتبعه الى ذلك اهل تاونت فاوفد الامير ابو بكر جماعة من اهل البلدين على اخيه السلطان يوسف قدموا عليه في النصف من رجب سنة ثمان وتسعين المذكورة فادوا طاعتهم ..
ثم تكلم الكاتب على حصار تلمسان و
تشييد المنصورة فكانت من اعظم امصار المغرب الى ان خربها ال يغمراسن عند هلاك
السلطان يوسف و ارتحال جيوشه عنها قال الاديب محمد بن عبد الله بن عبد الجليل
التنسي المعروف بالحافظ التنسي 1494 في كتابه نظم الدر و العفيان في بيان شرف بني
زياد ما يلي مطنبا في مدح ابي تاشفين الثاني و سرد خصاله و مزاياه :*ثم بوبع الملك
الكامل الاسد الباسل ، اشمخ الملوك انفا ، و اعلاهم و احقهم بالتقدم و اطهرهم و
اقواهم و اقدرهم و ارجحهم رايا و انجحهم سعيا و اصدقهم قولا و اوسعهم طولا ، دو
الحكم العدل ، و الفصل الشامل ، و الثناء الطيب و الجود الصيب و السياسة الشاملة و
السعادة الكاملة الذي لم ينزل من معراج العلي يسمو مولانا ابو تاشفين بن مولانا
ابي حموا ، فسما امره و علا قدره ،وحلا ذكره، وشمل الرعية خيره ، و اتسعت مملكته
في الاقطار ، كان اعلى الله مقامه بكر ابيه الحظي لديه ،و عقله النفيس العزيز عليه
، ولد له بندرومة ايام كومه بها مع ابيه المولى ابي يعقوب زمن انقطاعه فيها
للعبادة اول شهر ربيع الاول سنة 752هـ.
فلما كانت الوقعة التي قتل فيها
السلطان ابو سعيد عمه فيها المولى ابو حمو مع عمه المولى ابي ثابت كما قدمنا ، لم
يزل هو بندرومة فامر السلطان ابو عنان ان لا يعترض لهما ، و قال في المولى ابي
يعقوب *هو بقية الناس و ممن سلك سبيل السلف الصالح و نقلهما الى فاس فكانا بها
مكرمين .
اضافة اللى المكانة لتي تميزت
بها مدينة ندرومة في عهد الموحدين لفت انتباه الاوساط الشعبية و الدينية و
السياسية ايم ملوك بني زيان و ليس من الصعب ان نتخيل و نتمثل الحال التي كان عليها
المجتمع الندرومي في الوقت الذي خلف فيه ابا حمو ابنه قاتله ابو تاشفين عبد الرحمن
الثاني المولود بندرومة اثناء اقامة ابيه و جده بها سنة 752هـ/1351 و قبل وفاة هذا
الاخير في ربيع الثاني من سنة 795 هـ/1393.
قد قضي ابو يعقوب اربع سنوات (
لا شك ) في * قصر السلطان* و في دعة و هناء ببلدة معروفة باعتدال مناخها و موقعها
الاستراتيجي غير بعيد عن شاطىء البحر محاطة بالجبال معترفا بدعوة بني مرين موديا
لهم ضريبة سنوية ليتفرع لعبادة الله وحده .فلا شك ان ورع هذا السلطان المتنازل عن
الخلافة من تلقاء نفسه ، حبا لله ،عاملا بقوله عزوجل : ''و العاقبة للمتقين"
قد اثر كثيرفي اهل المدينة قديما و حديثا و لكنه يظهر الان ان اغلبيتهم نسوا هذا
الملك الفريد من نوعه الذي كان بعيدا كل البعد عن ملذات الدنيا و مادياتها في
الوقت الذي كان كل وال ينادي بنفسه ملكا .
فلم تبق من مبانه و قصره وحيه
الا اطلال و احجار و اشجار محيطة بقبر *سيدي سلطان* في * القصبة* العتيقة ، يزوره
دائما كمكان مقدس بعض سكانها للتبرك بفضائله طالبين من الله جل جلاله الشفاء
لابنائهم المرضى .
هذا من جهة و من جة اخرى ظن
اخرون اثرها تبقـى من المصلي ( و ربما من مسجد) و من الاضرحــة ( وضريح السلطان
المذكوراعلاه) هو قبر وال من سلالة بلال رضي الله عنه ، كان يتوجه اليه كل سنة و
بالاخص في حالة الجفاف شعب غفير قصد الزيارة و اقامة صلاة الاستسقاء .
أهم المنشآت الزيانية بمدينة ندرومة
*المئذنة الزيانية للمسجد الكبير ندرومة*
تعتبر من أهم آثار الزيانيين بندرومة
بنيت مئذنة مسجد
ندرومة الكبير في العصر الزياني على أيدي أهل المدينة ونفقتهم عام 749هـ/م1348 في
خمسين يوم، كما تشير إليه اللوحة المرمرية (التأسيسية) المثبة على يمين باب الدخول
إليها بأحرف من النمط النسخي المغربي والمنحوتة نحتا بارزا، كتب عليها ما يلي:
1.
بسم الله الرحمن
الرحيم صلى الله على سيدنا محمد
2.
بناوهاد الصامع أهل
ندرومة.
3.
بأموالهم وأنفسهم وكل
احتساب.
4.
لله وانبنات في خمسين
يوم.
5.
وبناها محمد بن عبد
الحق بن عبد
6.
الرحمن الشيصي عام تسع
وأربيعين.
7.
وسبع ماية.
نفس السطر:على اليمين
رحمه الله، وعلى اليسار عليهم أجمعين.
قصر السلطان تعبد فيه أمير دولة الزيانيين أبو يعقوب يوسف الزياني مدة تفوق الأربعة سنوات بندرومة.
الحقبة العثمانية - التركية -:
ندرومة في العهد التركي:
بعد ما دبَّ الضعف في الدولة الزيانية انتشر اللاَّستقرار في أوساطها.ونجد الحسن الوزان يصف حالة ندرومة قائلا: "..كان السكان تقريبا أحرارا لكونهم تحت حماية جيرانهم الجبليين فالملـك لا يستطيع أن يحصل على أي خراج من المدينة لأن العمال الذين يوفدهم إليها إنما يقبلهم السكان إذا رضوا عنهم و إلا رفضوهم و ردوهم على أعقابهم و مع ذلك يرسلون إلى الملك هدية بسيطة ليتمكنوا من إدخال سلعتهم." .
إن ذلك الضعف تسبب في الغزو الإسباني لسواحلها فتمَّ
الاستنجاد بالأخوان عروج و خير الدين اللذان استطاعا تحرير بعض المراكز و بذلك خضعت
للأتراك عام 1554 م بما في ذلك ندرومة التي أقام فيها جيش أساء معاملة المدنيين
فثاروا عليه خاصة بعد تلك الإتاوة السنوية التي فرضت عليهم من كتان القطن.
وثيقة
مؤرخة في 1548م تشهد على أن اتفاقا أبرم بين قبائل "ترارة" تحت رئاسة
والي الشيخ سيدي عبد الرحمن اليعقوبي لمحاربة الاسبان بحيث استقر في تلمسان، ولم
تشتغل القوات الأجنبية في ذلك الوقت لا بندرومة ولا بمنطقة ترارة.